يا معالي الوزير..تسمح لي أصدقك؟!
المؤكد أن الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار رجل شاطر بلغة السوق حيث ينجح بدرجة كبيرة في ترويج بضاعته خاصة وقت الأزمات...منذ أيام أعلن الوزير عن تأسيس 128شركة جديدة خلال الأسبوع الماضي فقط بمعدل 26شركة يوميا مما سيوفر 2618فرصة عمل (يرجي ملاحظة دقة الوزير في ذكر عدد فرص العمل).
عندما يعلن وزير الاستثمار ذلك فانه يرغب في أن يبعث لنا برسالة مفادها أن حال الاستثمار –الذي يتولي مسئوليته - في البلد يسير علي مايرام رغم الأزمة العالمية التي تعصف بجميع عواصم العالم...بل وعكس سياسة الانكماش التي تسود الأسواق الخارجية حيث تغلق المنشآت الاقتصادية الأدراج علي خططها التوسعية وتأجيلها الي وقت غير معلوم...ناهيك عن أن كل رجل الأعمال يتريث الآن طويلا قبل الاقدام علي الاستثمار في أي نشاط جديد فالنتائج غير مضمونة...هكذا حال المستثمرين في العالم.
لكن وزير الاستثمار يريد بالخبر السابق أن يقنعنا بأن المستثمرين الذين جاءوا الي مصر المحروسة من عجينة تانية لاتهمها تلك المخاوف بل تتركها جانبا لأن معدل أو عائد الربحية علي رأس المال المستثمر داخل مصر مضمون وعالي ولايعترف بتلك المخاوف الساذجة التي أصابت عواصم العالم!.
أرجو ألا يفهم وزير الاستثمار من كلامي التشكيك في الخبر الصادر عن وزارته لاسمح الله بل أني أصدقه..لكن حتي نقتنع بمثل تلك الأخبار فلايجب أن يعرض علينا الوزير بيانات صماء عن شركات في طور التأسيس أو الاخطار..لأنها حينئذ ستكون مجرد أرقام لاحركة فيها..أشبه بمن حصل علي بطاقة ضريبية جديدة تتعلق بنشاط ما ينوي القيام به لكن بعد استلامه البطاقة الضريبية وضعها في درج مكتبه دون تفعيلها..بالتالي تصبح مجرد رقم في مصلحة الضرائب لكنها لاتعكس نشاطا حقيقيا في الأسواق.
اذا رغب وزير الاستثمار أن نقتنع بالأرقام التي أعلنتها وزارته ونضرب له تعظيم سلام...عليه تقديم بيان معلومات عن رأس المال المدفوع لتلك الشركات وهل بدأت العمل فعلا أم لاتزال في مرحلة الاجراءات فقط التي قد تستغرق وقتا طويلا بحكم البيروقراطية فينتهي الأمر بأصحابها بغلق الموضوع برمته..كما نطلب توضيح نشاط تلك الشركات وعدد الموظفين الذين استلموا العمل فيها فعلا وليس المزمع تعيينهم مع بدء النشاط الذي هو في علم الغيب.
عندما تعلن وزارة الاستثمار تلك التفاصيل سيكون لبيان الوزير معني وساعتها سنقتنع به ونشد علي يده لأنه نجح في هذا العام (المهبب) حسب وصف وزير المالية في أن يجذب تلك الشركات للاستثمار..أما دون ذلك فسيظل كلام الوزير عن تلك الشركات مجرد حبر علي ورق دون قيمة حقيقية..فالاعلان عن شركات في طور التأسيس لن يفيد اقتصادنا بشيء والأصح أن يتم الاعلان عند التشغيل.
يبرع ووزراء المجموعة الاقتصادية في عرض الأرقام الاقتصادية مجردة بشكل جذاب دون ذكر تفاصيل مابعد الرقم حتي يخيل الينا أن الحال أصبحت زي الفل وهي ليست كذلك بالطبع..مثلما أعلنت الحكومة في السابق عن ارتفاع معدل النمو الي 7% وهو رقم حقيقي لانكذبه لكن ماينقصه هو أن تحدد لنا الحكومة المستفيدين من عائد هذا النمو..هل هم المواطنين فقط أم أن عائد التنمية سقط في أيدي كبار رجال الأعمال بدرجة أكبر.
بهذه الطريقة المجردة في عرض الأرقام يمكن للحكومة أن تقنعنا بعدم وجود أزمة اسكان بأن تذكر عدد الشقق مقارنة بعدد السكان ثم تصمت..دون أن تقول بوجود من يملكون عشرات الشقق وآلاف آخرون يسكنون العراء...هي اذن لعبة الأرقام التي تبرع فيها الحكومة وفي المقدمة منها وزراء المجموعة الاقتصادية التي ينتمي اليها وزير الاستثمار..لانتربص مسئولا..فقط احترموا عقولنا.
دكتور محمود..تسمح لي أصدقك؟!
منقول المصريون