10 % منهم يموتون لعدم وجود مكان لهم:
المبتسرون ضحايا نقص الحضانات!
تحقيق: هبة حسن
في أثناء أحد اجتماعات لجنة الصحة بمجلس الشعب لمناقشة أوضاع الرعاية الصحية اعترف مسئول بوزارة الصحة بأن10% من الأطفال ناقصي النمو يموتون لعدم وجود أماكن لهم في الحضانات التي ترعي الأطفال المبتسرين بالمستشفيات.
كما أن وزارة الصحة تحتاج إلي أكثر من905 حضانات جديدة يقدر ثمنها بنحو150 مليون جنيه, ولكن حتي يتم توفير هذا التمويل هل يستمر نزيف حديثي الولادة وتستمر دموع وآلام أمهاتهم وآبائهم الذين كانوا ينتظرون قدومهم بفارغ الصبر ثم يفاجأون بمأساة حياتهم لصدمتهم في تكاليف وضعهم في الحضانات وعدم قدرتهم علي سداد فاتورة المستشفي وانتظار قائمة طويلة من الأطفال المبتسرين حتي يأتي دور الطفل الآخر
وفي النهاية يبقي السؤال ما مصير أولئك الذين لم تتوافر لهم حضانات وما هو حجم المأساة التي يعيشها أهل الطفل؟! يقول الدكتور كمال هلال مدير مستشفي التحرير العام بامبابة, إن المشكلة تكمن في أعداد الأطفال المبتسرين المتزايد في الآونة الأخيرة خاصة القادمين من خارج المستشفي, فإن مستشفي التحرير لا يوجد به إلا سبع أو ثماني حضانات ولكن هناك تطويرا سيتم الأيام المقبلة حيث ستزداد أعداد الحضانات إلي ما بين15 و20 حضانة مع بعض التطوير في الأجهزة الطبية
وزيادة أعداد الأطباء المشرفين وأعضاء هيئة التمريض لأنها أيضا مشكلة أخري تقابلنا في حين أن الولادات التي تتم في المستشفي بها نسبة عالية من الأطفال المبتسرين الذين يعانون من نقص في الوزن أو النمو, ويعانون من بعض الأمراض مما نضطر إلي وضعهم في الحضانات علي أجهزة التنفس الصناعي وأيضا إذا كانت الأعداد أكثر من عدد الحضانات الموجودة واحتاجوا إلي نقل من مستشفي إلي آخر نقوم بالاتصال بغرفة الطوارئ التابعة لمديرية الجيزة لإرسال سيارة إسعاف مجهزة بمحضن متنقل ومعها طبيب وممرضة لتسهيل التعامل مع حالة الطفل المبتسر وجهاز التنفس الصناعي.
وتؤكد الدكتورة أميرة إدريس أستاذ طب الأطفال وحديثي الولادة بقصر العيني وأبو الريش الجامعي أن تكلفة جهاز المحضن يبلغ حوالي35 ألف جنيه, وجهاز التنفس الصناعي150 ألف جنيه ولا يوجد أي تأمين صحي في مستشفيات الوزارة يتحمل هذه التكلفة الباهظة فضلا عن أن نسبة الأطفال المبتسرين زادت بصورة مخيفة في الآونة الأخيرة, وذلك بسبب الأمراض المزمنة التي تتعرض لها الأم الحامل أثناء حملها مثل أمراض القلب والسكر والضغط المرتفع وتناول بعض الأدوية المنشطة التي تباع في الصيدليات دون اشتراط وجود تذكرة طبية أو متابعة حمل
لذلك فإن هناك فكرة مقترحة بالتعاون بين جامعة القاهرة ووزارة الصحة تهدف إلي وجود شبكة معلومات كبيرة ما تسمي بالخط الساخن تربط جميع المستشفيات بعضها ببعض بحيث عندما يوجد كثافة في مستشفي ما في عدد الأطفال المبتسرين ولا يوجد حضانة خالية, يقومون بالاتصال بالخط الساخن الذي يرشد أهالي الطفل بالتوجه إلي أقرب مستشفي لمحل إقامتهم ولكن عن طريق نقل الطفل بطريقة سليمة وآمنة من خلال سيارة إسعاف المحضن المتنقل وذلك لضمان سلامة وصوله بدلا من تعرضه للعديد من الأمراض والإصابات المزمنة مثل عيوب بالمخ بسبب قلة توصيله بجهاز التنفس الصناعي.
ولكن علي الجانب الآخر وهو المهم أيضا في قضية الأطفال المبتسرينفإنه يجب توفير أعداد كثيرة من هيئة التمريض المدربين بدلا من هروبهم للعمل إلي المستشفيات الخاصة لأنهم يتقاضون رواتب أعلي فهم يحتاجون إلي تدريب مكثف ومتخصص حتي يصبحوا مؤهلين لممارسة هذا العمل لذا يجب تشجيع هذه الكوادر علي الإقبال علي التمريض فنقص التدريب يعتبر السبب الرئيسي في إعاقة وشلل الحركة التمريضية داخل قسم العناية المركزة للأطفال المبتسرين, لأنها تضاهي العناية المركزة للكبار فهي تحتاج إلي تدريب معنوي ومهني.
وأخيرا من داخل قسم المبتسرين تقول سهام فتح الله والدة الطفلة رحمة, إن ابنتها تعاني من نقص شديد في النمو والوزن لأنها كانت تعاني من مرض سكر الحمل وضغط مرتفع ولذلك ولدت ابنتها ولديها بعض المشكلات وتحتاج إلي وضعها في الحضانة بمستشفي اقتصادي وذلك بسبب انتظارنا بالأيام في الدور بالمستشفي الحكومي, والكارثة أن المستشفي الخاص اليوم في الحضانة يتكلف بين500 و1000 جنيه يوميا علي عكس تكاليف المستشفي الحكومي ولكننا بذلنا كل جهدنا وبعنا كل ما نملك من أجل إنقاذ طفلتنا الوحيدة ولكن كل ما نتمناه هو إنقاذ أطفالنا الذين لا حول لهم ولا قوة ولكننا في نفس الوقت لا نتحمل عبء زيادة المصاريف.
تحقيقات الاهرام 22/2/2009